إن مؤتمر "توظيف الديداكتيك في بناء المعارف والمهارات والتقويم في الأنظمة التربوية العربية – الواقع والآفاق" جاء استجابة للعملية التعليمية التعلمية ومتطلباتها، والتي تقتضي الدراسة العلمية في تنظيم الوضعيات التي يعيشها المتعلم لتحقيق هدف معرفي أو هدف عقلي أو وجداني، وهو ما يستلزم اتباع منهج علمي يبدأ من طرح الإشكالية وصياغة الفروض واختيار الأدوات اللازمة للتحقق من صحتها عن طريق الاختبار والتجريب للمضي نحو تحقيق أساس تعليمي يضمن للمعلم تحفيزا ودافعية، وللمتعلم اكتساب المعرفة ومواكبة تطورات العصر، واستيعابها في ظل متطلبات جودة التعليم. كما أنه جاء استجابة للإصلاحات الشاملة التي تعيشها المنظومات التربوية العربية والتي تقتضي التغيير المقصود الذي يقوم على الدراسة والتخطيط، ويسعى إلى الارتقاء بمردود المؤسسة التعليمية، وتحسين النتائج الدراسية، وذلك في ظل شمولية التطوير والتجديد، وعدم اقتصاره على عنصر أو أكثر من عناصر العملية التعليمية. ولما كان الديداكتيك هذا المنهج المتبع في تقديم التعلمات من المعلم إلى المتعلم، والذي يستوجب فهما عميقا ودراية بالمادة المقدمة وطبيعة المتعلمين وسياقات أخرى كثيرة تراعي التخطيط للتعلمات، يشوبها نوع من الغموض في التفسير والتوظيف على مستوى المنظومات التربوية العربية نتيجة اختلاف السياسات التربوية بين الدول العربية، وكذلك ضعف طرق التكوين والتقويم في المنظومات التربوية العربية وعدم مراعاة إمكانيات ومقدرات واحتياجات المتعلم العربي في ظل التحولات الاجتماعية التي فرضتها العولمة والتطور التكنولوجي، ولما كان الأمر كذلك فإننا بدأنا نرى هذا الغموض يمس المصطلحات المتصلة بالتقييم والتقويم والكفاءة والكفاية، وتوظيف المصطلح الديداكتيكي، ناهيك عن أزمة الهوية بين الثقافة والمثاقفة التي فرضها هذا الغموض لتكوين هوية عربية بمخرجات تربوية وتعلمية جديدة. إنّ التحديات التي تواجه الديداكتيك في المنظومات العربية تفرض علينا أن نقف بالتوصيف والتشخيص وفتح باب الاجتهاد ما أمكن، وصولا إلى تجنب ما يقع فيه بعض المعلمين وبناة المناهج من انحرافات في فهم العملية التعليمية بتخطيطها وتنفيذها، وتقويمها وبناء وضعياتها التعليمية التعلمية، وكذا تنظيم دعمها ومعالجتها واستراتيجيات تدريسها وتعليمية أنشطتها، كل ذلك من أجل تحقيق سياسة تربوية فاعلة وتقريب الرؤى التربوية والبيداغوجية بين المنظومات التربوية العربية لتحقيق الفعالية المطلوبة والمرجوة لضمان الجودة في التكفل بالمعلمين والمتعلمين وتحقيق الكفاءات المستهدفة في السياسة التربوية.